حين لا تبقى فائدة من البقاء .. بادر بالرحيل .. فأرض الله واسعة
حين لا تبقى فائدة من البقاء .. بادر بالرحيل ..فأرض الله واسعة
كتبه المهندس خالد بدوان السماعنة
متى ما أصبح خط سير عملك ثقيلًا على نفسك .. وأصبحت كل ثانية فيه تشكل عمرًا يمر ببطء، وبات أكثر زملائك مجرد ديكور إضافي لمشاهد يومك الروتينية، بل وتصبح المهام هي صورة متكررة لا تنتهي !! فسيكون السؤال الملح هنا:
ألا ينبغي لك أن تطلق جرس الإنذار في أن هذا الإحساس لربما ليس عرضيًا .. وأن علاجه لن يكون بأخذ أجازه والعودة منها !.
بل قد يكون هذا الشعور إنذارا عاليا، أو نبضا في داخلك يوقظك ويعلمك بأن الوقت قد حان للرحيل وترك العمل فورًا.
فما هو السبيل لتمييز هذا النبض وكيف تتعاطى معه؟
منحنى العمل لكل الوظائف تقريبا هو عينه، فيتدرج الأداء من البطء ويتقدم شيئا فشيئا، وبعد مدة يتقن أي موظف فنون العمل الذي يقوم به ليصبح لديه من المهارة ما يجعله ينجز الأعمال والمهام بيسر وإتقان.
في هذه اللحظة يصبح الموظف أمام مفترق طرق، فإما أن يبحث عن منصب أعلى يجد فيه تحديات جديدة يستثمر فيها قدراته ومهاراته وبراعته، أو يرضى بالعيش في جو من النمطية والروتين، إما لأن ذلك يشعره بالراحة، أو لضيق ذات اليد فلا يملك مساحة مالية تعينه على اتخاذ القرار بالرحيل.
قد يكون صديقنا هذا محظوظا إذا ارتأت المنظمة التي يعمل فيها أن تستثمر فيه فتضعه في منصب أعلى، لأن الخيار الآخر هو أن تتعامل معه على أنه قوة فائقة عن حاجتها يمكنها أن تستغني عنه في أي وقت.
إن وصول صديقنا إلى هذه المحطة التي لايوجد فيها جديد يقدمه، ولا جديد يضاف إليه، ولا مهرب لديه من هذه المحطة يفضي إلى تغيير المهام، أو حتى الترقية، حينها ستصبح هذه المحطة مكاناً يتوقف فيه ليفكر جديا في الرحيل وترك مكان العمل.
وهنا أقول شيئا لا بد أن يكون قاعدة: إن الرغبة في نيلك التقدير الجيد لايعد طمعًا أو محاولة للفت الانتباه! هي حق من حقوقك الذى يجب تقديره والاعتراف به. وأي محاولات من مرؤسيك لاقناعك بضد ذلك هي محاولات لستر العورات واستنفاذك حتى آخر قطرة وبدون مقابل مقنع.
قد توافقني أو تعارضني - وهذا حقك- في أن من أهم الأسباب الدافعة للإستمرار في مكان عملك هم زملاؤك فيه. ولكن للأسف قد يكونون السبب المباشر لتركك هذا المكان.
إن اهم زميل لك في مكان عملك هو رئيسك المباشر، فقد يكون هو المحفز لك للبقاء رغم كثرة المعاناة، لأنه خلق بيئة يسود فيها الحب، وقد يكون هو السبب المباشر للرحيل رغم كل الإغراءات المادية والمجزية.
إن فساد بيئة العمل يتشكل من خلال وجود شخصيات انتهازية ( سرسرية بالمصطلح الدارج ) أو ظهور العنصرية، أو الشللية، أو طغيان عنصر الثقة على الكفاءة، أو غير ذلك مما بجعل صديقنا أمام خيارين لا ثالث لهما ناجع: فإما المقاومة لكل هذه السلبيات في بيئة العمل من خلال التواصل مع أصحاب القرار، أو أن ينضم إلى الجهة القوية في هذه البيئة الفاسدة فيشكل زيادة لهذا الفساد، أو يعود إلى خيار ضرورة الرحيل وترك مكان العمل؛ لأنه بهذا الخيار لن يكون مضطرا للدخول في صراعات وهمية، أو العمل ضمن بيئة غير إنسانية.
وإن نسيت فلن أنسى كرامتك .. فإذا ما مست من أحد في بيئة العمل فعليك أن تغادر، فإهدار الكرامة لا يعقبه بقاء شيء من الذات الإنسانية، وقد يجد البعض نفسه في بيئة من السهل فيها أن تهدر كرامته، وجعل يوم عمله عنوان معاناة، وحينها ليس له إلا أن يرحل ويغادر.
هذا غيض من فيض دفعني لمثله حوار خفيف مع شخص لطيف حول الأسباب الموجبة لترك مكان العمل، فأردت أن أدلي بدلوي فيه، فإن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان.
تعليقات
إرسال تعليق