« بئس ابن العشيرة هو » .. زعيم الدوحة الهاشمية يعطي درساً في الدبلوماسية مع "الأحمق المطاع"

بقلم المهندس خالد بدوان السماعنة 

رسول الله صلى الله عليه وسلم زعيم الدوحة الهاشمية أسس مدرسة متكاملة في كل أنواع العلوم التي تتنادى بها مدارس هذا العصر بشتى أنواعها .. فمحمد صلى الله عليه وسلم لم يكن ناقلا للعبادات عن رب العباد فحسب .. بل كانت سيرة حياته مدرسة عملية في التعامل مع كل الظروف .. ففي حال الضعف كانت له سياسة تختلف عن حال القوة .. وكان له توجيه في كافة الظروف.

كأني بأمُّ المؤمنين عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها تخبرنا أنَّ رجُلًا استأذن على رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يريد الدخول عليه. فلمَّا سمع بقدومه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال عنه: «بئسَ أخو العشيرةِ، وبئسَ ابنُ العشيرةِ». 

لقد كانت هذه العبارة بمثابة السيرة الذاتية لهذا المستأذن. وبمثابة إعلان موقف النبي من هذه الشخصية.

هذا المستأذن رجل سوء .. ولم يكن ثمة بد من لقائه والسماح له بالدخول.

أم المؤمنين تصف ما رأته بعينها .. فهو حين دخل كانت تتوقع من رسول الله وجها عابسا .. ولهجة شديدة معه تتناسب مع الحكم الذي أصدره الرسول في حقه .. لكن رأت مشهدا يخالف كافة توقعاتها .. فالرسول حين دخل عليه هذا الرجل انشرحَ له النَّبيُّ وابْتسمَ في وجهِه! .

مشهد استغربته عائشة رضي الله عنها واستشكلته.

 عائشة رضي الله عنها بعد أن غادرَ هذا الرَّجلُ لم تستطع أن تخفي دهشتها من موقف النبي صلى الله عليه وسلم قبل اللقاء وبعده ! فسألَتْ رسول الله عَن ذلك وراجعته فيه؟.

فماذا كان جواب النبي صلى الله عليه وسلم ؟

قال لها: «يا عائشةُ، مَتَّى عهِدْتِني فحَّاشًا؟»، ثُمَّ أخبرَها: بأنَّ شرَّ النَّاسِ عندَ الله منزلةً الَّذي يَجتنبُه النَّاسُ ويتركونَه اتقاءَ شرِّه وفُحشِه".

إنها المداراة .. إنه رسم لسياسة التعامل مع أهل السوء ممن لهم قوة قد يترتب عليها أذية لعموم المسلمين في حال الصدع له بالمصادمة المباشرة.

زعيم الدوحة الهاشمية يعطي درسا عزيزا في آلية التعامل مع هذا الصنف من الناس. 

يقول الشراح إن هذا الرجل كان يلقب ب" الأحمق المطاع" وكان سيدا في قبيلة كثيرة العدد والعدة في عهد رسول الله.. بل كانت قبيلة شديدة العداوة للمسلمين.. وكانت منازلهم قريبة من منازل المسلمين في المدينة.

وقيل إنّ هذا الأحمق المطاع كان من المؤلفة قلوبهم، وقد كان في الجاهلية من الجرارين، ويقود معه عشرة آلاف رمح تتبعه أينما ذهب، وكان يقوم بتوجيه أصحابه في أي حرب يريد أن يخوضها فيطيعونه.

شخصية سيئة ولكنها صاحبة سيادة على قوم لهم قوة وبأس.

وقد قيل أنه لولا لطف الله تعالى وحده بقبيلته الكبيرة لما نجت منه ومن حماقاته، بل كان هذا الأحمق الأرعن سيورد قبيلته المهالك في سبيل آرائه العوجاء وأطماعه الشخصية هو، وليس من أجل قومه، ولا حبا فيهم ولا لمصلحتهم.

وكم نرى اليوم أشباه هذا الأحمق المطاع، وهم يجتالون يمنة ويسرة كأنهم حمر مستنفرة، فلا هم بالذين وقفوا مع الحق، ولا انتصروا لقومهم من ظلم، ولا دلوهم على رشد ولا وجد أهلهم منهم خيراً، بل دخلوا التاريخ مع نفس الباب الذي دخل منه أحمقنا المطاع هذا.

الحماقة السياسية تعد من أخطر أنواع الحماقات، لاسيما وأن آثرها يتعدى صاحبها، إلى حياة العباد ومصالح البلاد. وما أكثر الحمقى سياسياً المطاعين عند أتباعهم فتركوا أفظع البصمات السلبية على المشهد السياسي. 

خضعت لهم شعوبهم بعد أن ظنَّت أن حمقى السياسة «يحسنون صنعاً»، في حين أن أعمالهم حطَّمت أعمدة أوطان، وأفسدت نسيج مجتمعات، وعطّلت مسار النماء والتطور، وعمران البلدان.

إن السياسات الحمقاء ثمرة الشطط في تفكير نخب سياسية تتمتع بمنسوب عال من الحماقة، وبخاصة في المنعطفات الحرجة، والتحولات الجذرية، بل كان نتاج هذه الحماقة السياسية دفع العالم إلى حافة الهاوية ..  حماقة عقول وجشع ونهم نفوس للاستهلاك والسلطة والثروة.

يقول أنطونيو غوتيريش: « إن حماقات البشر تسببت بتغير المناخ، ووضعت العالم أمام كارثة».

لا زلت أذكر وأنا أشاهد مسلسل القتل الذي مارسه الزعيم الإسرائيلي نتنياهو في غزة والذي لم يستثن من حماقته طفلا ولا امرأة ولا شيخا ولا دابة- لا زلت أذكر جملة للملك الحسين بن طلال رحمه الله عام ١٩٩٦ حين قال: «إن بقي هذا الرجل (نتنياهو) في الحكم، سيحيل المنطقة إلى بركة دماء».

كانت نبوءة من سليل الدوحة الهاشمية أصابت كبد الحقيقة.

بل إن كثرة الحمقى السياسيين في هذا العصر يعيد إلى السطح عبارة لسيدة أمريكية ليست كأي سيدة بل هي عضو سابق في الكونجرس الأمريكي، من أعضاء الحزب الجمهوري !! وهي ابنة زعيم حرب سابق، إنها " ليز ديك تشيني" ووالدها كان نائب الرئيس الأمريكي جورج بوش الإبن!!

تقول ليز : «إن على الأمريكيين التوقف عن انتخاب الحمقى».

فلماذا قالت هذه العبارة ؟!

وما مدى واقعيتها؟!

لنا أن نتخيل الأثر البائس الذي قد يخلفه تعامل السياسين العقلاء مع تلك النخب السياسية الحمقاء.. وأي هم وويلات قد يجره هذا التعامل معهم، وكم يحتاجون إلى مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم ليتسطيعوا تخليص بلادهم وشعوبهم من ويلات قد يجرها عليهم هؤلاء الحمقى السياسيين المطاعين في قومهم.

حمى الله مليكنا وبلادنا من أمثال هؤلاء سواء من الداخل أو من الخارج.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شكرا أبا هيثم .. شكرا محمد الوكيل ،،

قراءة | الخاصرة الرخوة في حكومة دولة بشر الخصاونة ..

قراءة| من هو « السفياني»؟ وما علاقة الأردن به ؟