قراءة للمهندس خالد بدوان : مشهد إداري يعاني ..والمدير الحصيف بين افتعال الأزمات وإدارتها.

 جرت العادة في دول العالم الثالث عموما، وفي وطننا العربي خصوصاً الاعتماد في إدارتهم للأمور على قاعدة الإدارة اليومية، أو إن صح التعبير “الإدارة بالفزعة” و ردة الفعل.

ولما كان التخطيط الاستراتيجي الفاعل على الأرض مغيبا عن واقع مؤسساتنا الا ماندر كان من السهل على الثعالب اختراع وافتعال الأزمات ليقولوا: هانحن ذا.

افتعال الأزمات وخلقها والمبادرة إلى حلها نوع من أنواع الإدارة البائسة التي تؤكد على أن صاحب هذا الاتجاه شخصية ماكرة بامتياز، يعمد بصنيعه هذا إلى التحكم بالآخرين والسيطرة عليهم.

ولاتستغرب اذا ما كانت دول عظمى تلجأ إلى هذا النوع من الإدارة بهدف الهيمنة على العالم.

وحتى يصل اصدقاؤنا هؤلاء إلى غايتهم فهم بحاجة إلى الإعداد المبكر للأزمة، وتهيئة المسرح لتقع هذه الأزمة فيه، ثم العمل على توزيع الأدوار بحيث يضمن أن كل فرد في المسرحية يؤدي دوره بامتياز سواء علم ام لم يعلم.

كما وينبغي هنا أن يتم اختيار الوقت المناسب لتفجير هذه الأزمة وبغض النظر عنها: مالية، سياسية، إعلامية …

هذا إذا كانت المؤسسة تخضع لمخططات فردية تقضي بإدارتها عبر اصطناع أزمات، لكن ثمة نوع اخر من المديرين يكون أسيرا لسلسلة متتالية من الأزمات والمشكلات بسبب سوء التخطيط وضعف التنبؤ، وانخفاض فعالية المواجهة.

الأزمات هنا ليست من النوع المخطط له، ولكنها نتيجة حتمية لسوء الإدارة، والمدير هنا لا يختار مايفعله، بل يفرض عليه ذلك، وسلسلة الأوليات لديه لا يقوم بتحديدها بنفسه بل تفرضها عليه طبيعة الأزمات المتتالية، وباختصار: بدل أن يدير الأزمة يصبح مدارا بها.

اهم أسباب الأزمات الإدارية في نظري تكمن في : عدم وجود نظم اتصالات جيدة، والعشوائية في اتخاذ القرارات الإدارية، والإشاعات، وغياب التكاملية بين مراكز اتخاذ القرار الإداري.

أي مدير هذا الذي لا ينتبه إلا بعد حدوث الأزمة! بالطبع سيعتمد هذا المدير على الأسلوب العشوائي في مواجهة الأزمة.

هذا النوع من المديرين لا ينبغي السكوت عنه، فإن لم نتمكن من تطويره فالخلاص منه أفضل.

وشتان بين هذا النوع الفاشل والمدير الذي يتحرك حسب الصالح العام، ويهتم جدا في أن تكون نهاية الخيوط في يده، بل متى أطلت الأزمة برأسها قمعها، فإن دخلت قاومها ولم يدخر وسعا في خلق فرصة منها.

هذا النوع هو المدير حقا، ومن سواه فلا يستحق الاحتفاظ به.

الضغوط ! هذه الكلمة الجوهرية في خلق الأزمات الإدارية! وتتنوع مصادر هذه الضغوط مثل: ضعف السلطة، والصراع مع الآخرين، أو صراع الأدوار وهذا يقع حين تختلف طموحات الفرد عن أهداف الجماعة، وقد تكون صعوبة نفس العمل أحد مصادر هذه الضغوط بسبب عدم وجود وصف واضح لطبيعة العمل والمهام.

ولكن في النهاية فقد تكون هذه الضغوط ضمن الحد الذي يمكن التعامل معه وتجاوزه من خلال التعاون مع الفريق، وخلق الدافعية المرتفعة، والانضباط، والابتكار.

المشكلة تظهر حينما تصبح الضغوط ذات حجم زائد!! فهنا تنخفض الدافعية إلى مستوى الإحباط، وتظهر الفردية، ويغيب التركيز والانضباط في العمل، ويحصل التردد، وتظهر التبعية.

المدير الناجح في مواجهة الأزمات يبتعد عن قوله: يحدث عند الأخرين اكثر واكبر مما يحدث عندنا! او التصريح بقوله: لا يوجد تعليق الآن على الموقف! او مثل قول بعضهم:

لقد وضعنا كافة الإمكانيات والتسهيلات تحت تصرف المحافظ أو المسئول !

ولعل من اشهر العبارات التي يجب أن تتجنب:

إن ما حدث يمثل كارثة لم نكن نتوقعها !!.

وعبارات أخرى لاينبغي أن يتم التصريح بها ممن هو مسؤول عن إدارة الأزمة.

واخيرا .. فإن العدو الحقيقي لمن يدير الأزمة هو الوقت ثم الوقت ثم الوقت.

واحذر ثم احذر ثم احذر من تلك المستويات الإدارية بينك وبين منفذ القرار فهي عبارة عن مصفاة تتولى تصفية وتعديل وتغيير ملامح قراراتك حتى تصل إلى منفذ القرار .

واعلم أن كليهما أسوأ من بعض: الرأي الصحيح فى الوقت الخاطئ، والرأي الخاطئ فى الوقت الصحيح .

وصدق أو لا تصدق، لكن اعلم أنه

لم تعد المشكلة أن تدير مرؤوسيك وإنما أصبحت المشكلة أن تدير رؤسائك.

دمتم بخير.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قراءة| فكر أسود عابر للقرون .. "القرامطة" يضربون من جديد ..

شكرا أبا هيثم .. شكرا محمد الوكيل ،،

قراءة | الخاصرة الرخوة في حكومة دولة بشر الخصاونة ..