شكرا أبا هيثم .. شكرا محمد الوكيل ،،
كتبه المهندس خالد بدوان السماعنة
طالعني كما طالع غيري برنامج المذيع المخضرم «أبو هيثم محمد الوكيل» على إذاعة "هلا أخبار" صباح أمس الأربعاء في حلقة كاملة كانت مخصصة حول شكاوى بعض المواطنين على الخدمات المقدمة في وزارة الصحة.
كانت حلقة رآها الكثيرون بالمصطلح الدارج «نارية» ضربت بكل قوة في الخاصرة الرخوة لحكومة الدكتور جعفر حسان ..
وقد يظن البعض أن هذا المصطلح يراد به ضعف أداء وزارة الصحة.. هذه الوزارة الخدماتية الضخمة .. والصحيح أن المراد به هو كون هذه الوزارة تعمل على مدار الساعة واليوم والعام.. في كافة بقاع المملكة .. واي خلل في أي موقع على ثرى الأردن سيكون له صدى سيىء على الوزارة خصوصا وعلى الحكومة عموما.
أنا هنا سأتحدث بلسان المواطن بعيدا عن موقعي الرسمي .. كأردني ووالدي موظف حكومي متقاعد من سلك التعليم ..واخوتي الستة كلهم متزوجون ولهم أبناؤهم الذين يرتادون كما أرتاد المراكز الصحية والمستشفيات التابعة لوزارة الصحة.
نرى مايرى أي مواطن .. ونعاني كما يعاني .. ونفرح ونحزن ونستاء ..كأي أردني على ثرى هذا الوطن.
ومن حقنا أردنيين ومقيمين على أرض الأردن أن ننشد الكمال ..
وأن نعاني من تلك العقدة التي يطلق عليها "عقدة الكمال" .. نريد تلك الصورة التي لايوجد بها عيوب ولا خلل .. مع أننا نعلم ونوقن أن مثل هذه الصورة المثالية من تجنب الفشل في رحلة الحياة هي مثالية زائفة .. والزيف يتمخض في ذلك الوهم في السعي نحو الكمال المطلق في كل شيء سواء تجاه النفس أو الآخرين .. وتكمن الخطورة في أن يصبح الكمال شديد السمية وخطرا يهدد التطلعات.
شكرا أبا هيثم .. فقد رصدنا من برنامجك قرابة ٧٢ تسجيلا بثت عبر صوت برنامجك الإذاعي .. لمواطنين يشتكون من تجربة لهم مع منشآت وزارة الصحة لم تكن في نظرهم إيجابية .. نصفها تقريبا كان موجها نحو المراكز الصحية والنصف الآخر تقريباً كان موجها نحو المستشفيات..
ولايستغربن البعض من دقتي في الأرقام فالفريق الإعلامي في الوزارة قام بتفريغ كافة الشكاوى وتصنيفها وتحليلها والاتصال مع كافة أصحابها .. نعم .. تم الاتصال مع الجميع .. إلا شخصا واحدا لم يقم بالرد على هاتفه..
نعم .. هنا أشخاص يحبون عملهم ... ويغارون جدا على وزارتهم ..
هذا كله حدث خلال ساعات من بث البرنامج .. لأن فريق العمل في الوزارة ينشد الكمال وإن كان حلما في عالم تتجاذبه متغيرات ومحددات شتى ..
العقل الوطني المستنير ينظر إلى مثل هذه البرامج بإيجابية .. لن ينجر خلف أصوات تقضي وقتها في تحليل يبحث عن أسباب؟ وتوقيت؟ ودوافع؟! .. فلطالما كان صوت "الوكيل" صداحا بهموم الوطن والمواطن ..
والعقل الوطني يهتم لجواب على سؤال مهم ومحدد: هل هذا صحيح؟ أين الخلل؟ وكيف سنقوم بمعالجته؟.
خلال جرد سريع مني لجل الشكاوى ( بانتظار التقرير النهائي الخاص بالفريق الإعلامي ) وجدت كثيرا منها يتركز في ذلك الهم المتكرر الذي يدور حول آلية ضبط أوقات العمل! لضمان بقاء الموظف في مكان عمله ليقدم الخدمة المرجوة منه !.
وهذا ما تعمل عليه الوزارة حاليا تحت عنوان عريض ( نظام البصمة الإلكترونية ) ..
أما الهم الآخر فهو عدم توفر بعض أنواع الأدوية أحيانا ..وهذا مايجري عادة في أوقات معينة من الشهر أو حتى من السنة.. والأسباب معلومة لدى صناع القرار والعمل جار على حل هذه الأسباب.. كان على رأسها مشروع مستودع الأدوية الاستراتيجي (لأول مرة في الأردن) الذي افتتحه جلالة الملك قبل مدة قريبة جداً، وتطبيق نظام محوسب فعال ( لأول مرة ) هدفه رصد حبة الدواء في مستودعات الوزارة: متى تدخل؟ وكيف تدخل؟ ومتى تصرف وكيف؟ ومتى يتم شراء غيرها؟! للحد من الهدر ولضمان بقاء المخزون في متناول يد المواطن الأردني والمقيم على حد سواء. مع التأكيد على أن الأردن كغيره يعاني من ظرف اقتصادي حساس ومع ذلك فلا زال ينتقل من إنجاز إلى آخر بعقول وسواعد أبنائه.
أما الشكاوى التي تعترض على أنظمة معتمدة منذ سنوات سواء في التأمين الصحي والبطاقات البيضاء واختصاص كل مركز ببطاقة القاطنين حوله وماشابه .. فهذا أمر تنظيمي بحت اقتضته طبيعة التوزيع الجغرافي لضمان الحد من الاكتظاظ.
بصراحة مطلقة فإن بعض الشكاوى أشعر بنظري القاصر أن الدافع الرئيس وراءها هو السعي إلى الكمال .. ولعل ما ولدها هو الضغوط الداخلية، كالرغبة في عدم رؤية أي فشل، أو لعلها الأحكام القاسية والتنشئة الاجتماعية .. خاصة ونحن نرى أن النزعات المثالية قد زادت بين الشباب على مدار الربع قرن الماضي، بغض النظر عن الجنس أو الثقافة، ولعل المنافسة الأكاديمية والمهنية لعبت الدور الأكبر في هذه المثالية والسعي وراء الكمال، خاصة أن وسائل التواصل الاجتماعي أحدثت المقارنات الاجتماعية في سباق محموم للوصول إلى القمة.
الخلاصة ،، شكرا أبا هيثم - بصدق- فقد لفت النظر إلى أننا بحمد الله وإن كنا نسير في الطريق الصحيح إلا أننا بحاجة إلى مزيد من الجهد.. وكان برنامجك هذه المرة أشبه بقرصة في المكان الصحيح أعادت للجميع نشاطه وشحذت همته لمزيد من العمل.
دمتم بخير ،،،
تعليقات
إرسال تعليق