قراءة| التحديات كبيرة .. أرني أين تنفق مالك فأخبرك ماهي أولوياتك .. الميزانية قلب الإدارة الاستراتيجية.

 

من جملة التحديات التي تواجه أصحاب القرار في تنفيذ استراتيجتهم في أماكن تواجدهم بغض النظر عن مجال عمل المنظمة التي يقودون زمامها : مقاومة التغيير!.

فقد يقاوم الموظفون أو أصحاب المصلحة التغييرات الاستراتيجية المخطط لها بسبب خوفهم، أو عدم يقينهم، أو تفضيلهم البقاء في سجن الوضع الراهن. أضف إلى ذلك التحدي الكبير الذي يواجه صناع القرار وهو كسب تأييد أصحاب المصلحة الرئيسيين. وكيف تقنعهم بما تريد!

 

كنت قد أشرت في مقال سابق إلى أهمية وجود اتصال واضح بين المستويات الإدارية الثلاثة في المنظمة وبقية الأفراد فيها، فانعدام ذلك التواصل حول الأهداف الاستراتيجية، والغايات، وخطط العمل بشكل فعال في جميع أنحاء المنظمة يفضي إلى إساءة الموظفين لفهم استراتيجية المنظمة، أو حتى إساءة تفسيرها.  وعليه فالاتصال الواضح والمتسق ضروري لضمان فهم الجميع للاستراتيجية وفهم أدوارهم في تنفيذها.

 

في بعض المنظمات لا تكون الأدوار والمسؤوليات وآليات المساءلة واضحة، مما يحول دون تولي الأفراد والأفرقة زمام المهام الموكلة إليهم وبالتالي تحقيق النتائج.  فغياب المساءلة يؤدي إلى التأخير أو التقاعس، أو أن يكون الأداء دون المستوى.

من جملة التحديات عدم كفاية الموارد والتي تعد من أخطر التحديات التي تعوق دون تنفيذ المطلوب، فمع ضعف الميزانية، أو عدم كفايتها، كيف ستنفذ الاستراتيجية بنجاح؟.  ففي حالة عدم وجود الموارد الكافية، فستكافح المنظمات لتنفيذ خططها بفعالية. ومن هنا كان أمر الميزانية هو الخطوة التالية في الاتجاه الصحيح لتنفيذ الاستراتيجية، بعد خطوة وضع البرامج.

تعتبر الميزانية بيانا لبرامج المنظمة من حيث الدنانير. وهي الموجه في التخطيط والتحكم، وتسرد التكلفة التفصيلية لكل برنامج تم/ أو سيتم اعتماده.

 

العديد من الشركات وقبل قيامها بأي استثمار فإنها تطالب بنسبة مئوية معينة من عائد الاستثمار، والتي غالبًا ما تسمى "معدل العائق - Hurdle rate / أو معدل العائد الأدنى". وتحصيل معدل العائد الأدنى هو المطلوب تحقيقه قبل أن توافق الإدارة على أي برنامج جديد أو القيام بأي إستثمار.  فلا يعتبر الاستثمار مقبولا متى كان معدل العائد الداخلي أكبر من معدل العائق.  وهذا سيضمن أن إضافة البرنامج الجديد سيوفر أرباحا كبيرة تضاف إلى أداء أرباح الشركة، وبالتالي بناء قيمة للمساهمين.  وعليه فإن الميزانية لا تعمل فقط كخطة مفصلة للاستراتيجية الجديدة قيد التنفيذ، بل تحدد أيضًا من خلال البيانات المالية المبدئية التأثير المتوقع على المستقبل المالي للمنظمة.

 

خصصت جنرال موتورز 4.3 مليار دولار لتحديث وتوسيع خط سيارات كاديلاك.  وبهذه الأموال تمكنت الشركة من زيادة عدد الطرازات من خمسة إلى تسعة، وتقديم محركات أكثر قوة، وموديلات رياضية، وتصاميم خارجة عن المألوف.

قامت شركة GM بعكس حصتها السوقية المتراجعة من خلال جذب سوق الجماهير الشابة والصغيرة في السن (كان متوسط أعمار مشتري سيارات كاديلاك في  عام 2000 يبلغ 67 عامًا).

بلغت الميزانية التي وضعتها شركة جنرال إلكتريك للاستثمار في تكنولوجيا المحركات النفاثة الجديدة للطائرات الإقليمية النفاثة 8 مليارات دولار بعد أن قررت الإدارة أن النمو المتوقع في الطائرات الإقليمية يجب أن يكون هو السوق المستهدف للشركة.

ولقد آتى البرنامج ثماره عندما فازت جنرال إلكتريك عام 2008 بعقد بقيمة 3 مليارات دولار لتوفير محركات نفاثة لأسطول الصين الجديد المكون من 500 طائرة إقليمية.

 

تظل الخطة الاستراتيجية والميزانية عاملين أساسيين في قوة معظم المنظمات، ولاتملك المنظمات سوى قدر محدود من الموارد المالية لمواصلة تنفيذ رؤيتها ومهمتها وأهدافها، والمعروفة أكثر باسم الخطة الاستراتيجية. فالغرض من الميزانية هو تسخير تلك الموارد المالية لتنفيذ تلك المهمة. وتشهد العديد من المنظمات تباينا بين ميزانيتها وخطتها الاستراتيجية. أو ما يعرف بالفجوات المالية.

 

علاقة الميزانية بالخطة الاستراتيجية بالنسبة للممارسين علاقة القلب بالجسد ومع ذلك يكشف الفحص الدقيق أن تحليل العلاقة بين الاثنين قد تم تجاهله إلى حد كبير في الأوساط الأكاديمية، في حين أن دراسة قديمة تثبت تأثيرًا مهمًا إحصائيًا على الأداء المالي عندما يتم دمج الخطة الاستراتيجية مع الميزانية الرأسمالية.  ويقودنا هذا إلى استنتاج أن الميزانية (التشغيلية) والخطة الاستراتيجية يمكن دمجها بنجاح.

 

إن كنت أنسى .. فلن أنسى التعريج على مخاطر الميزانية ! فكثيرا ما انحرفت بعض العناصر عن التكلفة المتوقعة في الأصل.  فعملية وضع الميزانية تتطلب عمل تقديرات حول المستقبل، والذي يعني بدوره وجود مخاطرة نتيجة عدم الدقة.

هل تعارض –أخي القاريء- في أن ثمة مشكلات يومية قد تقع في العملية التشغيلية؟ وهذا يفرض أموالا جديدة، أو قد يطرأ تغير في أثمان الموارد في الأسواق! فتتغير حسابات تكاليف تحقيق الأهداف عن التقديرات الأصلية.

بصراحة أنتم بحاجة في منظماتكم إلى أدب إداري يجهله الكثيرون! ألا وهو إدارة المخاطر، وهي هنا مخاطر مالية.

قم بتحديد مخاطرك المحتملة .. وضع الخطة الاستراتيجية بناء عليها بطريقة تجنبك المخاطر. وهذا لن يكون فقط في الميزانية.. بل في كافة الجوانب. فأنت بحاجة إلى مراقبة المخاطر المالية، والتحكم/ أو السيطرة عليها، وتقاسمها، وتحويلها.

صاحب القرار بحاجة ماسة إلى النظر إلى منظمته ككل بدلاً من نظره إلى أقسام فردية وهذا سيساعده على معرفة ما يحتاج إلى تحديد أولوياته ، وأين يجب تخصيص أموال منظمته. فهل هناك إمكانية للنمو في منطقة معينة؟ إذا كان الأمر كذلك، فما مقدار الأموال التي يجب توجيهها لتحقيق النجاح؟ هل القسم متأخر أو يعوق أهداف منظمتك؟ إذا كان الأمر كذلك ، كيف يمكن إعادة تصميم ميزانيتك لمساعدة هذا القسم على التحسين؟ فإذا كانت تكاليفك ترتفع بمرور الوقت، فقد يعني ذلك أن المخاطر تتطور في تلك المجالات التي تحتاج إلى كبحها والتخفيف من حدتها.

للحديث تتمة .. دمتم في عافية

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قراءة| فكر أسود عابر للقرون .. "القرامطة" يضربون من جديد ..

قراءة | الخاصرة الرخوة في حكومة دولة بشر الخصاونة ..

حين لا تبقى فائدة من البقاء .. بادر بالرحيل .. فأرض الله واسعة