قراءة| الانتقال من مرحلة التفكير إلى التنفيذ يبدأ بوضع البرامج أولى أدوات تنفيذ الاستراتيجية

 

"أنت ما تفعله ، وليس ما تقول أنك ستفعله" .. كارل يونغ

 

          أستهل مقالي بهذه الحكمة لدلالتها المباشرة على ما نحن بصدد الحديث عنه. فكل رائد أعمال يرغب في نجاح منظمته ونموها، وتجده في سبيل ذلك يعد العدة، ويجهز الفريق الذي يضع على عاتقه إعداد استراتيجية تضمن تحقيق مايرغب فيه. لكن ليس كل مايكتب على الورق يجد طريقه إلى النور. فكم من ملفات تحوي في طياتها درر وعبر بقيت رهينة الأدراج، لم تزد على كونها حبرا على ورق.

          حين ننتقل إلى مرحلة تنفيذ الاستراتيجية فنحن أمام برامج وميزانيات وإجراءات يجب أن توضع. وأمام مرحلة انتقالية ينتقل فيها مستوى الإدارة من مستوى الإدارة العليا إلى الإدارة المتوسطة أو حتى الدنيا (مع مراجعة من قبل الإدارة العليا) الذين سيقع على عاتقهم تنفيذ هذه الاستراتيجية او ما يعبر عنه أحيانا بالتخطيط التشغيلي واتخاذ قرارات يومية في تخصيص الموارد.

          تحديد الأولويات والتسلسل الصحيح في العمليات والتوقيت والموارد معيقات تعترض طريق تنفيذ الاستراتيجيات وقد تؤدي إلى فشل العملية برمتها.

          وضع (البرامج) ونعني بها بيانا للأنشطة أو الخطوات اللازمة لإنجاز الخطة، وتضمن جعل الاستراتيجية موجهة نحو العمل. وقد تتضمن إعادة هيكلة المنظمة، أو تغيير الثقافة الداخلية للمنظمة، أو لعله يعني بدء جهد بحثي جديد.

          كانت استراتيجية بوينج لاستعادة ريادة الصناعة من خلال طائرة الأحلام المدنية 787 Dreamliner المقترحة أن تقوم الشركة بزيادة كفاءة التصنيع من أجل الحفاظ على السعر منخفضًا.

          يساعد التصنيع بشكل أكثر كفاءة في خفض التكاليف وتحسين الإنتاجية وتقليل التأثير البيئي. وتؤدي كل هذه الفوائد العامة إلى فوائد إضافية في المستقبل، من زيادة المبيعات والجودة إلى تحسين صورة الشركة.

وحين نتكلم عن التصنيع بشكل أكثر كفاءة فنحن نعني: عدم هدر الموارد. فالنفايات مصطلح واسع، ويمكن أن يشير إلى المواد أو الطاقة أو ساعات العمل. وتعد نفايات المواد واحدة من أكبر وأغلى أنواع النفايات. وفي سبيل تقليلها يتم استخدام مواد أقل من البداية. وهذا يعني مزيدا من التركيز على التصميم.

لكن ماذا عن إعادة تدوير الخردة؟ حتى لو لم تتمكن من استخدام المواد المعاد تدويرها بنفسك، يمكنك بيعها إلى مصنع يمكنه ذلك، وتحويل النفايات إلى ربح. ليبقى السؤال مفتوحا: هل يمكنك استخدام المزيد من تلك الصفائح المعدنية قبل التخلص منها؟.

هذا يستدعي منا تحسين العمليات لاستخدام جميع المواد المتاحة. فكل قصاصة من المواد المهملة تمثل  فرصة لتحسين كفاءة العملية. اتخذت -مثلا- شركة بوينغ قرارا باستخدام مواد مركبة جديدة وخفيفة الوزن بدلاً من الألومنيوم  في نموذج طائرة الأحلام 787 Dreamliner لاختصار وقت الفحص.

ماذا عن قسم الشحن الخاص بك؟ فالجواب يستدعي إلقاء نظرة فاحصة على هذا القسم. أي نعم المواد المستخدمة في الشحن غير مكلفة مقارنة بمدخلات التصنيع الأخرى، لكن لن نغفل أن تكاليف هذه المواد في تزايد.

قامت شركة Kimray في أوكلاهوما بتعديل عملية الشحن وتمكنت من تقليل إنفاقها على أكياس الحشو بنسبة 50٪، مما أدى إلى تحقيق وفورات كبيرة.

لا يمكن أن نحقق التصنيع الكفؤ مالم نحسن عملية التدريب، فلا يوجد بديل للتدريب العملي. فقم بتقييم موظفيك من خلال تدريبهم على عمليات متعددة؛ وبهذه الطريقة يمكنهم مساعدة بعضهم البعض على استكشاف الأخطاء، والعمل كبدلاء مما يعني توفير الراحة أثناء المهام المتكررة.

 

          قامت شركة بوينغ بتنفيذ سلسلة من البرامج لخفض التكاليف بشكل كبير، فقررت الإدارة حل العلاقات السيئة مع النقابات العمالية بسبب قرارها تقليص حجم العمال في الشركة والاستعانة بمصادر خارجية لما يقرب من 70٪ من عملية التصنيع، كما قررت خفض وقت التجميع النهائي إلى ثلاثة أيام (مقارنة بـ 20 يوم لكل طائرة 737) من خلال جعل الموردين يبنون أقسامًا مكتملة للطائرة. فقد تصاب بالذهول متى عرفت أن نموذج طائرة 787 دريملاينر يحتوي على حوالي 2.3 مليون جزء لكل طائرة. وتشمل أصغر جزء كعلامات «حزام الأمان المثبت» إلى المحركات النفاثة، وتختلف في الحجم من مثبتات صغيرة إلى أقسام جسم الطائرة الكبيرة. ولا زال الموردون الخارجيون جزءًا من نظام إنتاج بوينج منذ تأسيس الشركة في عام 1916. ومع ذلك تستخدم بوينغ عملية قوية ومنضبطة ومثبتة للتأكد من أن الأجزاء والخدمات التي تشتريها تلبي جميع مواصفات الجودة والأداء وأنها تصل إلى مصانع الشركة في الوقت المحدد للحفاظ على الإنتاج سلسًا وثابتًا.

          كمثال آخر على البرامج المستخدمة في تنفيذ الاستراتيجية ما قامت به شركة BMW لصناعة السيارات حين تبنت مجموعة من البرامج التي استخدمتها لتحقيق هدفها المتمثل في زيادة كفاءة الإنتاج بنسبة 5٪ كل عام: فقامت باتخاذ قرار بتقليص مدة تطوير النماذج الجديدة من سيارات الشركة إلى 30 شهرا بدلا من 60 شهرا، و قامت باتخاذ قرار بتخفيض مدة الإنتاج إلى ما لا يزيد عن خمسة أشهر بدلا من سنة، واتخذت قرارا ببناء سيارتين على الأقل في كل مصنع بحيث يمكن أن يتحول الإنتاج بين النماذج حسب الطلب.

الخلاصة ,,, بمعرفة تأثير كل خطوة من خطواتنا، سنستطيع تحديد العمليات التي تحقق أعلى عائد على الاستثمار، وتحديد أي الخطوات التي قد تؤثر سلبًا على تحقيق أهداف المنظمة. وبالتالي الموازنة بين هدف قصير أو طويل الأجل.

 

للحديث بقية ... دمتم بخير

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قراءة| فكر أسود عابر للقرون .. "القرامطة" يضربون من جديد ..

شكرا أبا هيثم .. شكرا محمد الوكيل ،،

قراءة | الخاصرة الرخوة في حكومة دولة بشر الخصاونة ..