قراءة| جلالة الملك يضع النقاط على الحروف .. كن رجلا رجلك في الثرى، وهمتك في الثريا
حين استرجع هذا العام بأحداثه في ذاكرتي أجدني أذكر كلمات جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين في رسالته إلى حكومة دولة بشر الخصاونة .. وأستذكر توجيه جلالته المباشر بخصوص قطاعي الصحة والتعليم وضرورة عودتهما إلى الصدارة.
مفاهيم غالية من جلالته حفظه الله حول العلم والعلماء وأن ترجع للعلم هيبته للعلماء مكانتهم.
العلم الذي يبني ولا يهدم، ويرتقي بأهله صوب الثريا.
رسالة مفادها: ضرورة الاهتمام بالمورد البشري وضرورة تميزه، كيف لا وقد بات يعد من أهم الأصول في المؤسسات، حتى أنه وصل لنسبة تزيد عن 80% في شركات تقنية المعلومات.
لقد حملت كلمات جلالته في مضمونها أسئلة ملحة توجه لكل أصحاب القرار المهتمين بالقطاع الصحي عموما – كوني أعمل فيه – وبقطاع السياحة العلاجية خصوصا كونه القطاع الذي يعكس حجم التميز في تقديم الرعاية الصحية :
ألم نكن في الأردن نحتل المركز الأول في السياحة العلاجية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؟
أين هي جائزة مؤتمر السياحة العلاجية الدولي الذي عقد في الامارات العربية المتحدة التي تحصل عليها الأردن كأفضل مقصد للسياحة العلاجية؟!
أين هي مواطن الخلل التي أدت إلى تراجع دخل السياحة العلاجية بنسبة تقارب النصف مابين عامي ٢١ و ٢٢ ؟!
أين الخلل؟
أهو التراجع في نوعية الخدمة فلم تعد مميزة كذي قبل؟
أم أن التكلفة باتت بحاجة إلى مزيد من الدراسة والرقابة لتصبح منافسة لعين الخدمة المقدمة في الدول المجاورة؟
أم ثمة خلل في قدرات كوادرنا الطبية فلم تعد بتلك الدرجة المطلوبة من التأهيل والتدريب؟!
أم لعل هناك خللا في تطبيق معايير الجودة الدولية والوطنية من قبل مؤسساتنا الطبية؟
أم .. وأم .. وأم ؟
أسئلة من حق كل غيور أن يلقي بها على طاولة صناع القرار ليتلمسوا بأنفسهم مواطن الخلل ويعملوا على إصلاح ما يمكن إصلاحه.
وكلمات جلالته تعيد الجميع إلى مربع محاسبة النفس عن أي تقصير يصيب هذا الوطن في مقتل.
لن أكون مترددا في اعترافي بأن أعظم دور في الإجابة عن هذه الأسئلة وإيجاد الحلول الناجعة لإشارات كلمات جلالته يقع على عاتق وزارة الصحة!.
نعم فوزارة الصحة تحمل على كتفها حملا كبيرا ومسؤولية عظيمة لتنفيذ توجيهات جلالة الملك.
ومسؤوليتها تبدأ من وضع الاستراتيجية اللازمة لحل المشكلة.
وفي رأيي المتواضع فنحن قد تجاوزنا استراتيجية محاولة حل المشكلة، أو حتى استراتيجية تبسيط المشكلة، لأننا أمام وقت لا يرحم.
نحن بحاجة ماسة إلى استخدام استراتيجية التفكير بطريقة مبدعة لحل المشكلة.
وبعيدا عن كوني أخدم في وزارة الصحة وشهادتي فيها مجروحة، لكن حين أراجع ما تم وما يجري فيها خلال عام مضى فإني أجد أن الوزارة تسير في الطريق الصحيح.
أي نعم لا زال ينتظر منها الكثير لكنها عمدت إلى جملة من التغييرات والإنجازات في وقت قصير كان وسيكون لها دور عظيم في تعديل بوصلة العمل كله.
لا يستطيع أن ينكر منصف أن
عقد الشراكات بين الوزارة والجامعات ( أربع اتفاقيات) كان له دور كبير في تحسين قدرات الكوادر الطبية.
بل بلغت نسبة الزيادة في موازنة التدريب والتعليم لهذا العام ٢٠٢٢ حوالي ٢٠٪ .
وعملت الوزارة على زيادة عدد الأطباء المقبولين في برنامج الإقامة بنسبة وصلت ٢٢.٥٪ .
ولعل مما يؤكد أن ثمة تغيرا ملموسا في دعم الاختصاصات الطبية أنه ولأول مرة يتم استخدام كامل المخصص المالي المرصود في الوزارة لهذه الغاية بزيادة بلغت ١٠٠٪ عن السنوات السابقة.
وفي هذا السياق قامت الوزارة بالعمل على تعديل التعليمات الخاصة بالابتعاث لزيادة فرصة تحسين قدرات الكوادر الطبية.
ولعل مما يؤكد على ذلك زيادة أعداد المقبولين في التخصصات الفرعية من ٣٠ إلى ١٠٠ طبيب من خلال الابتعاث الداخلي.
وأضف إلى ذلك إلحاق ١٣٠ طبيبا لغايات التدريب والاختصاص الفرعي في كل من الجامعة الأردنية وجامعة العلوم والتكنولوجيا، والخدمات الطبية، ومركز الحسين للسرطان، والمركز الوطني للسكري.
أما الابتعاث الخارجي فالوزارة بصدد التفاوض مع مستشفيات ومؤسسات تعليمية إيطالية وفي مختلف التخصصات الفرعية.
بل قد تم تدريب ما يقارب ٢٠٠ طبيبا في مجال الطواريء والإصابات.
ولو أردت الاستطراد لجئت بما تكل عين القاريء منه، ولكن في الإشارة كفاية تؤكد أن التغيير ممكن إذا وجد نفوسا زاخرة بالعطاء وقلوبا محبة للبناء.
على قدر اهل العزم تأتي العزائم
وتأتي على قدر الكرام المكارم
وتعظم في عين الصغير صغارها
وتصغر في عين العظيم العظائم
وكما قلت سابقا: شهادتي مجروحة، ولكني رجل رأى وشاهد وعاين القدرة على التغيير والإنجاز .. وقد يستصغر المرء إنجازه مهما تعب لأمرين، فإما تواضعا منه، أو لعظم حجم العقبات والعوائق، لدرجة أنك مهما قدمت فسترى أنك بحاجة للكثير.
لكن كلما عرفت إنجازاتك، وكتبتها، وشعرت بها، واستمتعت بها، فستشعل فيك شعلة من عطاء، وتوقد فيك طاقة من عمل وسخاء، عندها.. لن توقفك أبسط العقبات لأنك ستتمكن من اجتياز المراحل الصعبة ومن السهولة عليك اجتياز المستحيل لأنك تعمل دائما على كل الممكنات.
حين أقرأ لجلالة الملك توجيهاته وكلماته فإني أقرأ بترو وتمعن وتدبر .. لأني أيقنت ومن خلال طول ممارسة أن الكلمة من جلالته تعني الكثير ولكن هل من متدبر؟!.
تعليقات
إرسال تعليق